الأحد، 19 ديسمبر 2021

وعكلة عشق بقلم لينا ناصر

 وعكة عشق /بقلم لينا ناصر 


كانت قد نجحت حتى اليوم بارتداء أقنعة الفرح التي تتناسب مع مقاسات شحوبها.. 

لكن الأمر الذي لم تتداركه أنها مهما اتسعت لن تكون بحراً 

وحتى لو كانت لا بد من لحظةٍ هوجاء حاسمة،ترتفع بها أمواج الحنين فتهدم أسوار صبرها  ، وتنكسر مجاديف كتمانها، فتغرق في قاع لهفتها هكذا على غفلة منها.. 

تغفو ملامحها الهادئة الرصينة غفوة أبدية كمن تُوارى الثرى،  لتصحو بعد ليل دامس طال أمده  على أنثى تكاد، لولا تلك الشامة التي تتوسط وجنتها وذلك البريق الذي لطالما كان بالنسبة لناظريها برزخ الجاذبية ، وماهي إلا دمعة عالقة من فقدٍ ونيّفٍ على ضفاف أهدابها،  دلالتين تحفظهما مرآتها عن كثب جعلتها تعرف أنها هي نفسها.. 

تلك المتمردة التي استفاقت على خزانة ملابسها تنثر في فضائها الصغير كل مالا يتحلى بالجرأة والجنون، وترمي رمادياتها التي لطالما كانت تبحث عنها وتقطع لأجلها أميالاً وأميالاً ، هاهي اليوم ترمي بها وتمزقها، وكأنها تنتقم من كل موقف حزين وكل دمعة ذرفت في حضرتها...! 

انتهت من ثورة غضبٍ عارمة كانت ضحيتها العديد من الأثواب التي كانت ذات هدوءٍ تتباهى برزانتها ووقارها حين ترتديها، وكأنها قررت التعرّي من شخصيتها الهادئة، وإزاحة الستائر عن حقيقية أنوثتها الصارخة وملامحها الفاتنة ، تمردت بكل ماأوتيت من قوة وراحت تبحث بفوضوية فاضحة عن ثوبها المزركش التي أهدته لها ذات يوم صديقتها قائلة لها :تلوّني قليلاً أيتها الغامقة!  

وتذكر كم اغتاظت منها في ذلك الحين إلّا أنها الآن تريده وبجسارة.. 

" وأخيراً  وجدتك،  تعال لنرى ماالذي يمكنك إصلاحه في هذه الملامح المهترئة من البؤس" 

كانت قد نحفت قليلاً، مما جعله يُظهر مفاتنها بشكل جذّاب،  راحت ترمق قوامها الممشوق بنظرات الإعجاب قائلة : هل هذه أنا حقاً؟!! 

ثم سرعان ما التقطت أحمر الشفاه لتسمح له بتقبيل شفتيها بعد هجرة باسقة، ونفضت غبار الإهمال عن ظلال العيون واكتحلت كما لم تفعل من قبل، وتعطرت برائحتها الباريسية المميزة،  ثم انتعلت كعبها العالي الأحمر، وانطلقت للقائه بكل ثقة وأناقة ،  وفي ذهنها تتردد أصداء كلمات صديقاتها وانتقادهِنَّ اللاذع لها، بأنها مُمِلّة وأثريّة، حتى دعائهنَّ عليها بأن تزلّ قدمٌ قلبها بوعكة عشق تغرقها حتى أذنيها،  وها هو دعاؤهنَّ يصبحُ حقيقة، لكنها حتى الآن لم تجرؤ على الاعتراف بالهزيمة والضعف إلّا لعينيه!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماذا يحدث في الارض بقلم مونيا بنيو منيرة

 ماذا يحدث في الأرض  ( الحلقة الأولى ) في هذه الأرض  وعلى ظهرها وعمق غاباتها وبين وديانها وقمم جبالها  مخلوق….  فضله الخالق وصنعه بنفسه  ونف...