الخميس، 20 يوليو 2023

الغريب قصة قصيرة بقلم حسن عبد الرحمن


 قصة قصيرة بقلمي

حسن عبد الرحمن 

                                  (الغريب)

في ليلة شتاء قارس وكعادتها دلفت ريماس إلى الشارع تجري بثيابها حين تهطل الأمطار. 

كانت تعود طفلة عندما تفعل ذلك ضاربة بعُرض الحائط احتمال مرضها بالسعال ونزلات البرد ككل عام، كانت ترتدي معطفها الوردي وتعتمر القلنسوة البنية،وتلف رقبتها بالاسكارف الذي يميل لونه إلى اللون الأحمر القاني. 

ملابسها غير متناسقة إلا إنها تعجبها وتريحها... ريماس فتاة في العشرين من عمرها شعرها بني متوسط الطول بيضاء البَشَرَة وذات عيون عسليتان ملؤها الذكاء عندما تراها للمرة الأولى.

ارتعدت أناملها الصغيرة؛ غمرها وهو يمر من جانبها بنظرة حانية كعادته عندما يراها.

لكنها كانت تشمئز منه ومن رائحته التي كانت تزكم أنفها، كان رث الثياب كث اللحية، شعره طويل غير منمق يرتدي بالطو متهدل وينام على الرصيف المقابل لبيتها. 

تلك النَّظْرَة التي حيرتها من هذا الرجل الغريب..إلا أن صوت زخات المطر أخرجتها من التفكير في الرجل لتعود كطفلة صغيرة، تجري تحت المطر دون مظلة تقيها المطر.

كانت نظرات الرجل تلاحقها بحنو حتى اختفت عن ناظريه، ودلفت إلى البناية التي تسكن فيها.


علق عيناه الشاخصتان في حجرة نومها وعندما أضاءة مصباح غرفتها اطمئن وابتسم ابتسامة خفيفة، ثم عاد إلى مكانه أسفل عمود الكهرباء حيث ينام كل ليلة بالقرب من البناية التي تسكن فيها..دخلت ريماس إلى حجرتها المليئة بألعاب الأطفال ولون الحوائط وردية اللون الذي يريح أعصابها..حجرتها صغيرة ولكنها منسقة ولها تراس يطل على حديقة صغيرة قد صنعتها هي بنفسها وانتقت ورودها بنفسها وكانت ترعاها كطفل صغير حتى إنها تسمى كل زهرة باسم معين..عندما دخلت الحجرة ذهبت إلى الحمام مباشرة لتزيل آثار الأمطار..


أما هو فقد جلس كعادته تحت ضوء العمود ينظر إلى نافذتها المضاءة، كمن يستنشق بقايا عطر قد انتهى منذ مدّة.

ثم اغمض جفنيه بعد أن اطمئن أن نور النافذة قد اختفى واظلمت غرفتها وافترش الأرض.


(مقتبس من رواية الغريب)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماذا يحدث في الارض بقلم مونيا بنيو منيرة

 ماذا يحدث في الأرض  ( الحلقة الأولى ) في هذه الأرض  وعلى ظهرها وعمق غاباتها وبين وديانها وقمم جبالها  مخلوق….  فضله الخالق وصنعه بنفسه  ونف...