( التشبيه الضمني )
بقلمي : إبراهيم محمد قويدر
**********************
كل ألوان التشبيه واضحة يمكن التعرف عليها من خلال طرفي التشبيه : المشبه والمشبه به فيما عدا التشبيه الضمني
الذي يختفي فيه طرفا التشبيه .
ولذلك إذا جاء المشبه في صورة غريبة تدعو لانكاره ورفضه
احتاج في قبوله إلى أن تقيسه بنظير له مسلم به وإذا تم ذلك تلميحا لا تصريحا .
المتنبي يمدح سيف الدولة :
إن تفق الأنام وأنت منهم .. فإن المسك بعض دم الغزال
إن تكن تغلب الغلباء عنصرها .. فإن في الخمر معنى ليس في العنب .
وإن كان الأديب فيما مضى قد قصد به إقامة الحجة فإنه قد
يسلكه رغبة في إقامة الطرافة مثلما فعل ابن نباته في وصف فرسه :
وأدهم يستمد الليل منه .. وتطلع بين عينيه الثريا
سرى خلف الصباح يطير مشيا .. ويطوي خلفه الأفلاك طيا
فلما خاف وشك الفوت منه .. تشبث بالقوائم والمحيا .
وقد يكون لبيان مقدار حال المشبه :
إذا قامت لحاجتها تثنت .. كأن عظامها من خيزران
سيذكرني قومي إذا جد جدهم .. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر .
إن النساء رياحين خلقن لنا .. وكلنا يشتهي شم الرياحين .
والتشبيه الضمني موجود في شعرنا الحديث في صورة حوار
فيكسبه طرافة وحيوية وحركة وجمال .
مثال : قصيدة بشارة الخوري ( هند وأمها )*
أتت هند تشكو إلى أمها .. فسبحان من جمع النيرين.
فقالت لها : إن هذا الضحى .. أتاني و قبلني قبلتين .
وفر فلما رآني الدجى .. حباني من شعره خصلتين .
وما خاف يا أم بل ضمني .. وألقى على مبسمي نجمتين.
وذوب من لونه سائلا .. و كحلني منه في المقلتين .
وجئت إلى الروض عند الصباح .. لأحجب نفسي عن كل عين
فناداني الروض يا روضتي .. وهم ليفعل كالأولين
فخبأت وجهي و لكنه .. إلى الصدر مد اليدين
ويا لدهشتي حين فتحت عيني .. وشاهدت في الصدر رمانتين .
فرحت للبحر للابتراد .. فحملني ويحه موجتين .
هو البحر يا أم كم من فتى .. غريق وكم من فتى بين بين .
قال المرحوم : أنور المعداوي
بشارة يستخدم الضحى والروض والغصن والبحر كمجالات
خلفية لصورة مرسومة بريشة فنان بارع ماهر ليرسم لوحة
فنية .
بقلمي : إبراهيم محمد قويدر
شاعر وأديب القرية
مصر - البحيرة