الأحد، 13 فبراير 2022

عكننة بقلم إبراهيم محمد قويدر

 (  عكننة فى موسم عاشوراء )


   بقلمي : إبراهيم محمد قويدر 


   ************************


فى العادة وبخاصة فى الأرياف ما تجد روائح تهل عليك من كل صوب وحدب وفى بعض الأحيان ما تختلط هذه الروائح 

فتنعقد بعضها فوق بعض مثل السحاب المتراكم يؤلف لوحة

من خيال حالم يعشقه كل من يشقى فى أرضه ممسكا بالفأس 

طوال اليوم مع تساقط حبات العرق لتعطي الأرض غذاءا من

نوع آخر ليتذكر حديث الجدود عندما كانوا يجلسون تحت شجرة التوت أو الجميز ليوصوا أبناءهم جيلا بعد جيل بحماية هذه الأرض لأنها مروية بعرق الجدود من قديم الزمان

لأن الأرض مثل العرض .

وعندما يقترب( عوضين ) من بيته تدور فى مخيلته الطبلية

وعليها ما لذ وطاب : طبق الشوربة وبجواره ليمونة مشقوقة 

نصفين وطبق الملوخية والبخار يتصاعد ليصدم أنفه برائحة 

التقلية والديك الشامورت المحمر بالسمن البلدي وطبق المخلل المخلوط بالمش وقرن الفلفل الحار. 

وما أن يدخل( عوضين ) إلى الدار حتى تستقبله (ستوتة ) بابتسامة رضا ترتسم على محياها فتتناول من يديه الحبال

وتربط الجاموسة والبقرة والحمار كل فى مكانه المخصص له

وتخرج مسرعة فيكون( عوضين ) قد فرغ من غسل يديه وتوضأ ليصلي المغرب قبل أن يدخل وقت العشاء .

وبمجرد أن ينتهي يجد الطبلية كما تخيلها يجلس هو وتجلس

( ستوتة ) علي يمينه ويبدأ فى تناول الطعام ومرة يناولها

فى فمها فتتمنع وتقول له : كل أنت شقيان طول النهار 

ومرة أخري تقطع قطعة من ورك الديك وتضعها فى فمه ويظلان على هذا الحال حتى يشبعا .

وتقوم ( ستوتة ) لتحمل الطبلية وتفرغ ما تبقى عليها من 

طعام وتحضر له كوب الشاي الساخن وتناوله إياه وتجلس عن

يمينه وهما يتغازلان كل بطريقته المعهودة .

يسمع ( عوضين ) آذان العشاء فيخرج إلي المسجد ليصلي وبعدها يعود إلي البيت فيجد ستوتة تنتظره بفارغ الصبر

فتحتضنه وتشد على يديه فيحملها ويلقي بها على السرير

وتتعالى ضحكاتهم حتى أن الجاموسة والبقرة والحمار فى

الحظيرة قد شعروا بشعور صاحبهم ( عوضين ) فحدثت 

جلبة فقام  ( عوضين ) يربط فى سرواله فشاهد شخصا 

يفك حبال البهائم ليسرقها فصاح بصوت عال ( امسك حرامي ) ثم جاءت ( ستوتة ) وفى يدها عصا غليظة 

طمأنها ( عوضين ) بأن الحرامي قد هرب .

هنا طار النوم من عين ( عوضين ) فجلس على حرف السرير

وأخرج علبة السجائر وأشعل سيجارة وهو يردد فى سره

( الله يعكنن على أبيك فى الأيام المفترجة ).


بقلمي : إبراهيم محمد قويدر 

شاعر وأديب القرية 

مصر -  البحيرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماذا يحدث في الارض بقلم مونيا بنيو منيرة

 ماذا يحدث في الأرض  ( الحلقة الأولى ) في هذه الأرض  وعلى ظهرها وعمق غاباتها وبين وديانها وقمم جبالها  مخلوق….  فضله الخالق وصنعه بنفسه  ونف...