الاثنين، 14 مارس 2022

بكاء بقلم إبرهيم محمد قويدر

 (  بكاء النخيل  )

بقلمي : إبراهيم محمد قويدر 

**********************

كنت كثيرا ما أفرح فى موسم إثمار البلح وأزهو وأنا أطالع العراجين وهي تحمل الثمار معانقة السماء تلمع مع شروق الشمس كبريق الذهب اللامع ويزداد فرحي فى الصباح عندما

أرى إحدى الثمار وقد سقطت لزيادة نضجها وتنقسم إلى لونين أحدهما فاتح والثاني غامق .

قبل أن يموت جدي وتموت جدتي أوصيا بعدم قطع هاتين

النخلتين حيث قالا : أنهما قدم سعد على الأسرة والبيت 

وعندما كان جدي يجلب الثمار بعد جمعها كان يوزع على

كل الجيران وكثيرا ما كان الجيران يصفون طعمه باحلى

من العسل فنقول لهم هذه بركة جدنا الكبير أبو سويلم .

مرت الأيام وتولت السنين ونسي الأبناء وصية الجدود 

وها أنا سأترك لكم بكاء النخلتين وأنينهما يقصان عليكم المأساة لأنه لن يشعر بالنار إلا من يقبض عليها .

مالت النخلة اليمين على أختها كأنها تعانقها عناق لحظة 

الفراق وبدأت تزرف الدموع وتقطع صوتها حتى خفت 

وقالت لأختها  : اسمعت ما قاله الابن الأكبر لابن ابو سويلم

إنه يريد أن يبني بيتا على رأس الحقل وأنه سوف يقطع 

النخلتين لزيادة المساحة .

ردت النخلة الثانية وهل تظنين أنهم يفعلون وأين وصية

الجد والجدة أم سويلم ؟!

قالت لها : لا أعرف ولكن أحببت أن أصل لك الخبر .

خبر أسود ومهبب يا خبر بفلوس بكره يبقى ببلاش وكله على

عينك يا تاجر واللي مايشتري يتفرج .

ونامتا نومة كلها دموع وأنين حتى اقلقتا كل الجيران وجاءت الطيور تشاركهما الحزن من باب المشاركة الوجدانية .

وفى صبيحة اليوم الأسود جاء رجل ذو ملامح غليظة يحمل

فى يده آلة مشرشرة كبيرة وصعد لأعلى النخلة وربط الجزء

العلوي بحبل يمسكه رجلان عكس الإتجاه وبدأ تساقط الدموع على الأرض وسقطت النخلة الأولى جثة هامدة تودع

الحياة إلى عالم الأموات داخل الفرن أو على مجرى للمياة 

ليعبروا عليها وماتت الوصية ولم تعد تثمر بلحا يشبه الذهب .


بقلمي  : إبراهيم محمد قويدر 

شاعر وأديب القرية 

مصر - البحيرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماذا يحدث في الارض بقلم مونيا بنيو منيرة

 ماذا يحدث في الأرض  ( الحلقة الأولى ) في هذه الأرض  وعلى ظهرها وعمق غاباتها وبين وديانها وقمم جبالها  مخلوق….  فضله الخالق وصنعه بنفسه  ونف...