السبت، 15 أكتوبر 2022

على غير عادتها بقلم إبراهيم جنيد

 على غير عادتها تسللت إلى شرفة منزلها هذا الصباح لتشاهد منظراً مثيراً لشروق لم تكن تأخذ له بالاً من ذي قبل، كانت جلّ وقتها تعارك أدوات مطبخها دون هوادة.

استوقفتها ومضة عبرت بمخيلتها حينما وضعت يداها على سياج الشرفة وهي تتأمل ذاك الشعاع الذي ينبعث من شق غيمة تزحف نحو قرص الشمس لتخبئها هنيهة من بعض الوقت، ارتجفت يدها وانهمرت بضع قطرات نزتها عينان مثقلة بأنين قلب اتعبه حنيناً إلى عهد الطفولة، وإذ بها تتحسس أنامل امتدت إلى خديها تمسح أثار جريان ما فاضت به عيناها.

أدركت من فورها مشاعر رهيفة تستنهض حلم كاد يخبو مع مرور الزمن لولا أن داعبت وجنتها مسامات إبهام حاول أن يمحو ندبات اقترضت من وسامة الوجه بعض نضارته.

مال - دون أن تدري - خدها ليتوسد راحة كف لم تغادرها قط رغم الابتعاد الذي جعل ودادها خلجان رسمت خطوطها تعاريج صمت عارك التوهان على أرصفة أحلام تراكمت عند حواف ربيع مرّ سريعاً.

أحست به وراح بصرها يلاطف إشعاعات عيناه المتوهجتان بشوق مكتوم، فانزاح ستار شفتيها عن ابتسامة يشوبها اندحار حزن وانفجار سرور ينم عن اشتياق لدعابة لم تعتد من قبل تحسسها. 

ارتمت خصلة شعرها المترافقة مع أنفاسها المتواترة على كتفه حينها أدركت أنها أصبحت عند حواف بر الأمان الواصل إلى قلبه وراحت يداها تلم خاصرته لتحضن بكليتها جسده المتعطش لمثل هذه اللحظة فاتحدا معاً وانطلقا عبر فضاءات ذكريات جميلة تمزجها نفحات مفعمة بشوق يختزنه قالبيهما.

وغفى كل منهما لاوياً رأسه على كتف الآخر وتساقطت ساقيهما إلى مقعد تحسس دفئهما وعاش لحظات سرور كان ينتظرها مذ لامست يداه أثار من نزته عيناها.

                          إبراهيم جنيد

                         حلب - سورية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ماذا يحدث في الارض بقلم مونيا بنيو منيرة

 ماذا يحدث في الأرض  ( الحلقة الأولى ) في هذه الأرض  وعلى ظهرها وعمق غاباتها وبين وديانها وقمم جبالها  مخلوق….  فضله الخالق وصنعه بنفسه  ونف...